بضغطة زر

في ثقافة السفر يمكن أن يقال الكثير، وبما أننا في عز موسم السفر، والجميع يستعدون لموسم الهجرة الصيفية شرقاً وغرباً، فإن الحديث لا شك يكثر عن حكايات المسافرين والمواقف التي يتعرضون لها في بلدان الاصطياف وتحديداً الخليجيين منهم، وأول هذه المواقف تلك المطبات يقعون فيها بسبب استغلال بعض شركات السياحة أحياناً، واعتماد الكثيرين عليها في كل صغيرة وكبيرة من أمور رحلتهم، في حين أن العالم كله قد تحول إلى صفحة إلكترونية يمكن للجميع تصفح أسرارها وعوالمها بمجرد ضغطة زر.
فبضغطة زر، تستطيع أن تستعرض فرص السفر حول العالم، وبضغطة زر وعنوان إلكتروني قصير جداً يمكنك أن تتجول في أي فندق في العالم، تختار الغرفة التي تريدها والمنظر الذي تطل منه، والشارع الذي تريد سكناه، والمطعم الذي ترغب في تناول عشاءك الأول في تلك المدينة التي تحل فيها للمرة الأولى، بضغطة زر تستطيع أن تنهي إجراءات رحلتك كلها بدءاً من مقعدك في الطائرة إلى غرفتك في أي فندق في العالم، إن على أجمل البحيرات أو أعلى قمم الجبال، لا أحد سيعلم شيئاً من تفاصيل رحلتك سواك.
اليوم لم تترك ثورة الإنترنت وتقنيات الاتصال شيئاً في غير متناول اليد، وبما أننا في الإمارات ننتهج سياسة الحكومة الإلكترونية ونتقدم على غيرنا بأشواط في ما يتعلق بتمكين الأفراد من مهارات التقنيات الحديثة وجعلها في متناولهم، فلا بد أن نكون من أكثر الناس اعتماداً على أنفسنا في إنجاز معاملاتنا إلكترونياً بعد أن امتلكنا علم الاتصال عملياً وتقنياته بشكلٍ صارت هذه الفضاءات كلها مفتوحة ومتوافرة لنا ببساطة.
لم يعد مقبولاً اليوم أن نسافر بشكلٍ عشوائي، لنفاجأ بأن الشركة “التعبانة” التي رتبت سفرنا قد “ضحكت” علينا وباعتنا رحلة وهمية، ولم يعد مقبولاً أن ندفع مَبالغ مُبالغ فيها أكثر من اللازم لقاء غرف لا ترقى إلى للمستوى المطلوب، لم يعد مقبولاً أن نسافر بلا ترتيبات تضمن لنا حركة مريحة ووضعاً لائقاً ومضموناً لا يعرضنا للإهانة والنصب والاحتيال، لم يعد مقبولاً أن نسافر بلا خطة سفر واضحة ومحددة، لم يعد مقبولاً أن نسافر لنقضي شهراً مدفوع القيمة لقاء الجلوس على مقاهي المارين بلاتز في ميونخ أو الجراند بليس في بروكسل أو شارع الشانزلزيه في باريس، فهذه مدن عظيمة تعج بالتاريخ والحضارة والإبداع والطبيعة والتنوع وتستحق برامج وخططاً مسبقة.
للسفر متعة الاسترخاء بلا شك، حيث يستمتع الواحد منا بحالة الفراغ وعمل الشيء سوى الجلوس في فضاء المقهى وممارسة متعة مراقبة العابرين والعابرات، واحتساء الكابوتشينو بكسل مطلق، دون أي استعجال أو تأنيب ضمير، فلا عمل ولا دوام ولا مواعيد ولا التزامات لفترة قصيرة من الزمن نستجمع فيها أنفسنا وهدوءنا وصفاءنا وعلاقتنا بتفاصيلنا التي غالباً ما ننساها وسط تعقيدات العمل والتزامات الحياة.
لكن متعة الاسترخاء تلك لا تمنعنا من ممارسة التمتع بالمتاح من فرص المعرفة والاكتشاف والاستكشاف، وهذه الحالة غالباً ما نسقط نحن في اختبارها كشعوب لا تهوى غالباً السفر من أجلالمعرفة والتعلم، بقدر ما نجيد السفر من أجل التسوق والمزيد من التسوق، في الوقت الذي نمتلك فيه في بلداننا أفضل أسواق الدنيا وأفضل البضائع والمعروضات، لكن يبدو أن التسوق حالة نفسية أكثر منه تعبير عن حاجة، بينما نحتاج كثيراً لمراجعة هذا النهج.

  • عائشة سلطان
  • الرأي نيوز

تعليق واحد

  1. شكرا على الموضوع..))
تعليقك محل اهتمامنا وتقديرنا..
سسسسسس
سسسسسسسس
جميع الحقوق محفوظة | فهد فواز 2023 Premium By Raushan Design