كتاب: عصر الإعلام تطور تقني وإهمال بشري في مواجهة السلطة الخامسة

0-w-x-0-h-none-98807تتمتع تقنيات الإعلام الحديث بقوة فتاكة تحمل معها مخاطر كبيرة في التضليل لصالح الدفاع عن الشركات العالمية الكبرى والترويج لمصالحها بدلا الدفاع عن حريات الناس ومراقبة أداء السلطة التنفيذية. هذه القضايا الهامة هي ما تناوله ملحق استراحة صحيفة الخليج الإماراتية ليوم الجمعة وعرض كتابا بارزا عن الإعلام الحديث وتحت عنوان "خوض في عمق شؤون صاحبة الجلالة” تولى زيدان الربيعي التقديم لكتاب هام صدر حديثا وهو  "تصدع السلطة الرابعة" إضاءة على التحول الإعلامي ويشير زيدان إلى صدور كتاب “تصدع السلطة الرابعة" عن مطبعة الأبحر الأبيض في بغداد وهو كتاب جديد لأستاذ الإعلام الدولي في جامعة بغداد الدكتور كاظم المقدادي بواقع 232 صفحة من الحجم المتوسط، إذ يضم الكتاب أربعة فصول، تناول في الفصل الأول الصحف الأمريكية والبريطانية والألمانية واليابانية، فيما تحدث في الفصل الثاني عن الاستقصائية، بينما تطرق في الفصل الثالث إلى وكالات الأنباء الدولية . 

وخصص المقدادي الفصل الرابع من كتابه للتقنيات الحديثة التي دخلت في عمل السلطة الرابعة مثل الإنترنت والصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والهاتف النقال .

ويقول المقدادي في مقدمة كتابه: في ضوء استقراء المناخات الإعلامية الجديدة، وتزايد دور وسائل الاتصال (التقانة) البصرية بشكل خاص على حساب مفهوم الإعلام ووسائله البائنة، فإن العالم يعيش اليوم مرحلة جديدة من مراحل التحول الإعلامي المثير الذي جاء نتيجة حتمية لحركة التطور المذهل في حركة وسائل الإعلام . 

  إن هذا التحول المتسارع أفرز ثلاث مسلمات أسهمت في إعادة تشكيل الخريطة الإعلامية القديمة:

أ: ثورة المعلومات وبنوكها المتعددة .

ب: ثورة وسائل الاتصال بتقنياتها المتداخلة .

ج: ثورة الحاسبات الإلكترونية وإنتاج مواقع التواصل الاجتماعي .

   ويشير المقدادي إلى أن أهم نتيجة لهذا التحول تتمثل بارتفاع منسوب الاتصال على مستوى البنية الإعلامية، وكان من نتائجه أيضاً قيامه برسم وتشكيل الصور الإخبارية، وصياغة الأخبار للشعوب والدول والمنظمات والتجمعات الأخرى . 

وذكر أن من الثابت أن العالم يعيش اليوم “عصر الإعلام” بكل جوارحه وتجلياته، بعد أن عاش عصر الفلسفة، وعصر التنوير، وعصر الرومانسية، والحداثة، لكنه مع كل هذه التجليات يعاني تصدعاً كبيراً، لأن معظم الاستثمارات الإعلامية تقع في الجانب التوزيعي والترويجي على حساب الجانب المهني إضافة إلى تراجع معدلات تنامي المهور القارئ، كما أن أخطر الظواهر التي تعترض مكاتب وطواقم المحررين الميدانيين، ثم تلتقي كل هذه المخاطر بسلطة المال وسلطة السياسة، وعدم الفصل بين رأس المال والتحرير، لافتاً إلى أن بروز الجوانب الربحية والنزعة الاقتصادية جعل وسائل الإعلام في حالة سباق وتنافس، بل هي اليوم تتسبب في تلويث البيئة الإعلامية وأجوائها العليا كما أشارت بعض الدراسات العلمية الأخيرة . 

غير أن الأخطر في هذا الميدان هو تسميم العقول، وتلويث الأفكار، وتضليل الاتجاهات الإنسانية، بعد سريان ظاهرة “الحمى الإعلامية” . 

وأوضح المقدادي: هل لنا أن نتصور مليارات الحروف وهي تتطاير في الفضاء الرحب، وتتحرك كل لحظة بكل الاتجاهات، وأن وثائق “ويكيليكس” كانت قد خرجت من رحم هذا الفضاء المخيف والمزحوم بالأسرار وبكل أنواع البث الإذاعي، كذلك الثورة الرقمية التي جمعت الحروف والصور عن طريق الحزم الضوئية وتشعباتها؟  

الغريب أننا في الوقت الذي نشهد فيه الثورة الاتصالية المتسارعة، وهذا التغير الذي طرأ على البيئة الإعلامية، مايزال البعض متمسكاً بمفهوم “السلطة الرابعة” التي ولدت في بداية القرن التاسع عشر، والتي أراد من خلالها مستر أدمون بورك اللحاق بالسلطات الثلاث “التشريعية، التنفيذية، القضائية” التي أعلنها في ما مضى الفرنسيّ مونيتسكيو .  

كذلك مايزال البعض يتحدث عن “القرية الكونية” التي أشار إليها في مطلع الستينات خبير الإعلام الكندي ماكلوهان، حيث إن العالم قد تم اختزاله إلى “شاشة صغيرة” فرضت نفسها في زاوية كل بيت من بيوت هذا الكون الفسيح، لا بل إننا سنشهد قريباً عالم ما بعد الشاشة!  

ورأى المقدادي أن “تصدع السلطة الرابعة” هو أمر واقع على الرغم من النجاحات التي تحققت في مسيرة الصحافة الاستقصائية “فضيحة “ووترغيت” و”أوراق البنتاغون”، لأن هذه المخاطر التي تحيط بأخلاقيات العمل الإعلامي كانت وماتزال بأكثر مما يتصور البعض، ولأن “السلطة الرابعة” تحولت من مبدأ الدفاع عن حريات الناس إلى خانة الدفاع عن المصالح الرأسمالية والاحتكارات المتعددة الجنسيات .  

وختم المقدادي كلامه بالقول: اليوم هناك صراع مرير كي تولد “السلطة الخامسة” التي بشر بها خبير الإعلام الفرنسيّ رامونيه بدلاً من السلطة الرابعة، وهذه السلطة الخامسة التي تحدثنا عنها في العراق ولأول مرة، تتمثل بالإعلام الجديد بأدواته وأساليبه الجديدة التي تبدأ بالهاتف المحمول “مشروع مراسل صحفي” والصحافة الإلكترونية الجديدة، كذلك بمواقع التواصل الاجتماعي، ونشوء بيئة إعلامية صالحة قوامها منظمات المجتمع المدني . 

وهذا التحول المذهل في مادة وتركيبة الإعلام إلى الجديد أعاد سلطة الإعلام إلى حضن الناس، وبعد أن كانت في حضن الحكومات . 

كما أن هذا الإعلام الجديد هو في النهاية امتداد طبيعي لمسيرة وتاريخ الإعلام منذ الفتوحات الإعلامية الأولى، بدءاً بعجينة الورق الصينية مئة سنة قبل الميلاد ومروراً بمطبعة غوتمبرغ في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وانتهاء بتلفزيون الواقع في الألفية الثالثة . 

عن: أرابيان بزنس

تعليق واحد

  1. السلام عليكم شكراً جزيلا
تعليقك محل اهتمامنا وتقديرنا..
سسسسسس
سسسسسسسس
جميع الحقوق محفوظة | فهد فواز 2023 Premium By Raushan Design